البحث

المتواجدون الآن

انت الزائر :2084509
[يتصفح الموقع حالياً [ 44
الاعضاء :0الزوار :44
تفاصيل المتواجدون

Tags

علي جابر..صوت أشجى أركان المسجد الحرام

المقال

علي جابر..صوت أشجى أركان المسجد الحرام

10400 | 13-07-2008 01:15

قبل سبعة وعشرين عاماً من الآن وبالتحديد في العشر الأواخر من رمضان عام 1401 هـ ظهر ذلك الصوت الشجي من محراب المسجد الحرام في صلاة التراويح، وقد لفت إليه أنظار المسلمين من جميع أنحاء العالم.ذلك هو صوت الشيخ الدكتور علي بن عبد الله بن صالح بن علي جابر (1426-1373هـ) الذي كان عمره حينها نفس المدة الزمنية (مابين اليوم وبداية توليه الإمامة) أي 27 عاماً أيضاً.سوف أقدم صورة مختصرة عن حياة الشيخ علي جابر رحمه الله مستشهداً فيها ببعض أقواله الشخصية التي سمعتها منه في عدة أحاديث صحفية وجلسات خاصة معه إضافة لشهادات عدد ممن عاشروه سواء أبناؤه أو أقرباؤه أو زملاؤه أو طلابه أو محبوه.
الإمامة في الحرم
قبل الدخول في بدايات حياة الشيخ علي جابر الذي توفي في الحادي عشر من ذي القعدة في العام المنصرم أتطرق لأهم محطة في حياته، وهي المحطة التي حولته من الانغمار مابين البيت والجامعة والصحبة الضيقة إلى عالم من الشهرة بعد توليه إمامة التراويح بالمسجد الحرام، وأترك هذا لحديث صحفي أجريته معه رحمه الله عام 1408هـ أثنى فيه على دور الملك الراحل خالد بن عبدالعزيز رحمه الله والعلاقة الخاصة التي تربطه به حينها قال: «أما علاقتي بالملك الراحل خالد بن عبد العزيز يرحمه الله ويسكنه فسيح جناته فهي علاقة خاصة احتفظ بها» ثم يضيف: «جاءت سنة1401هـ في عهد الملك الراحل خالد بن عبدالعزيز رحمه الله رحمة الأبرار فكنت إماما له في المسجد الخاص به بقصره في الطائف وعندما نزل مكة المكرمة، وبالضبط في ليلة الثالث والعشرين من رمضان، طلب رحمه الله أن انزل إلى مكة المكرمة، وما كنت قد أعلمت مسبقاً بأني سأكون إماما للحرم المكي الشريف أو سأتولى الإمامة ليلة ثم يأتي بعدها تعيين رسمي بالإمامة، فنزلت تلك الليلة وبعد الإفطار طلب مني التوجه إلى المسجد الحرام للصلاة بالناس في تلك الليلة، وكان المقرر هو تلك الليلة فقط ولكن بعضا من الشخصيات والأعيان الموجودين في مكة طلبوا منه رحمه الله أن أبقى في الليالي التالية حتى بعد عودته يرحمه الله إلى الطائف مرة أخرى وبقيت إلى ليلة التاسع والعشرين ثم صدر أمره رحمه الله بتعييني إماما في المسجد الحرام».
هذه هي قصة الشيخ علي جابر في علاقته بالملك خالد رحمه الله وبداية إمامته في المسجد الحرام لكن كيف كانت بدايته مع الإمامة في المساجد حيث يؤرخها بنفسه في حديثه الصحفي معي «لم تكن لدي رغبة في الإمامة ولكن أقحمت فيها إقحاما وإلا فان الباعث الأساسي على حفظ كتاب الله إنما حفظه وتعقله وتدبر معانيه، ولم يكن المقصود منه أن يكون الإنسان به إماما، ولكن شاءت الإرادة الربانية والحكمة الإلهية أن أتولى الإمامة في مسجد الغمامة بالمدينة النبوية سنتين متتاليتين» (1394 -1396).
بعد وفاة الملك خالد رحمه الله عام 1402هـ صلى الشيخ علي جابر ذلك العام بالمسجد الحرام إماماً رسمياً ثم طلب الإعفاء من الإمامة بالمسجد الحرام ورجع إلى عمله بالمدينة النبوية محاضراً بفرع جامعة الملك عبدالعزيز آنذاك.
في مطلع رمضان 1406هـ عاد الشيخ علي جابر إلى محراب المسجد الحرام بعد أن تم تكليفه مجدداً بالإمامة في صلاة القيام، استمر بعدها في السنوات التي تليها لعامين فقط، انقطع بعدها عام 1410 هـ عن المسجد الحرام لعدم تكليفه ذلك العام، فتولى الإمامة في مسجد بقشان بجدة.

علي جابر مع أولاده
أما مع أولاده فلم يكن الشيخ علي جابر ليتدخل في اختيارات أحد منهم سواء في الزواج أو التعليم، فقد قال ابنه الأكبر عبدالله: «كان الوالد رحمه الله يترك لنا مطلق الحرية في الاختيار، وهذا لا يعني أنه لم يكن يرغب بالعلم ويحث عليه،بل على العكس كان كثير التوجيه لنا» مشيراً إلى أن والده رحمه الله كان يميل أكثر إلى لغة الحوار موضحاً ذلك بقوله: «لم نكن نشعر أن هناك حواجز بيننا وبينه، فكان كثيراً ما يمد الجسور لنقترب منه ومن عقله أكثر، فهو ضد الشدة والقسوة في التربية».

من جدة إلى المدينة
ولعل أبرز ماتميز به الشيخ علي جابر رحمه الله هو بره الشديد بوالدته وحبه لها، حتى أنه ضحى بأمور كثيرة في مقابل البقاء بجوار والدته في المدينة المنورة، وقد يعود سبب ذلك لوفاة والده وهو ما زال في مقاعد الدراسة وبالتحديد في سن الحادية عشرة من عمره، فقامت والدته بتربيته والاهتمام به بمساعدة خاله، وهذا ما جعله يتعلق بوالدته تعلقاً شديداً، ويؤكد صحة ذلك ماذكره لي ابن عمته الشيخ عبدالكريم بن علي جابر بقوله: «كنا سوياً مع أبناء الخال عبدالله في جدة ورغم الفارق في السن بيني وبين علي وشقيقه التوأم سالم كنت أكبرهما بسنوات إلا أن علاقتي بهما كانت علاقة ود وحب وصداقه، وكنت أعمل في مطعم والدهما في حي باب شريف، وعندما وصل علي وسالم إلى سن الخامسة رغب والدهما للانتقال إلى المدينة المنورة، فانتقلوا جميعاً إلى هناك واستقروا بها، وبقيت أنا في جدة، وكان خالي عبدالله رحمه الله يرغب في أن يكون أحد أبنائه صاحب علم شرعي فأراد أن يتقرب من مجالس العلم فكانت المدينة النبوية هي المستقر لعائلة خالي، لكن الإرادة الإلهية لم ترد أن يرى أحد أبنائه بهذه الصفة، فتوفي وعمر علي وسالم أحد عشر عاماً أي بعد المكوث في المدينة ست سنوات فقط، فتولت زوجة خالي يرحمها الله تربية أبنائها بمساعدة أخيها، فكانت نعم المربية الفاضلة، حيث كانت تقرن أقوالها بأفعالها، فمثلاً عندما كانت تأمرهم بالصلاة كانت هي أول من تقوم الليل، لذا كان تعلق أبنائها بها شديداً وخاصة علي الذي لازمها حتى وفاتها».

القرآن وتحقيق أمنية والده
ترسخ في نفس وعقل الشيخ علي جابر أمنية والده في أن يكون أحد أبنائه عالماً شرعياً، فحرص بمساعدة والدته على تحقق أمنية والده، فترك اللعب مع الأقران واتجه إلى إكمال دراسته الشرعية في دار الحديث وحفظ القرآن الكريم في جامع الأميرة حصة ثم معهد القرآن الكريم، ليكمل بعد ذلك الدراسة الثانوية في المعهد الثانوي ويتجه بعدها إلى كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية ويتخرج منها عام 95/1396هـ بدرجة امتياز، ليغادر اثر ذلك إلى الرياض لإكمال دراسة الماجستير من المعهد العالي للقضاء الذي يحصل عليه بتقدير امتياز في أطروحته «فقه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وأثره في مدرسة المدينة»، ثم الدكتوراه بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى في اطروحته «فقه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق موازناً بفقه أشهر المجتهدين».
يتذكر الشيخ علي جابر جيداً هذه الأمنية فعمل من أجل تحقيقها فكان في كل أحاديثه يتحدث عن والده وتربيته له «كان والدي يرحمه الله لا يسمح لنا بالخروج للعب في الشارع والاحتكاك بالآخرين، حتى توفاه الله، كنت لا أعرف إلا الاتجاه إلى المسجد النبوي ومن ثم الدراسة وأخيرا العودة إلى البيت،لقد كان لوالدي رحمه الله دور كبير في تربيتي وتنشئتي».
وأول ما بدأ به في رحلته لتحقيق هذه الأمنية لوالده حتى بعد مماته هو حفظ القرآن الكريم خاصة وأنه يملك ذاكرة قوية بشهادة معلميه الشيخين رحمة الله بخاري وخليل الرحمن قاري اللذين أكدا ذلك عند زيارتي لهما في المدينة المنورة والتقائي بهما للتعرف على المحطات الأولى للشيخ علي جابر الذي كان يدرس في حلقة واحدة مع الشيخ محمد أيوب لدى الشيخ خليل الرحمن قاري في معهد القرآن الكريم، مع أن محمد أيوب كان يكبر علي جابر بعدة سنوات ويسبقه في الحفظ.
وجمع الشيخ علي جابر بين حفظ القرآن الكريم والأدب والخجل والهدوء وهو ماتحدث به شيخه رحمة الله بخاري الذي أوضح أنه قليل اللعب مع أقرانه فهو كثيراً مايضحي باللعب مع الأقران مقابل أن يستغل وقته في الحفظ أو المراجعة،كما ذكر لي الشيخ خليل الرحمن أنه كان يسترق الأسماع عندما كان يرتل القرآن الكريم بصوته الصغير الشجي.
ويتحدث الشيخ علي جابر رحمه الله عن بداية حفظه للقرآن الكريم بقوله: «بدأت حفظ القرآن الكريم في مسجد الأميرة منيرة بنت عبد الرحمن رحمها الله ويقع في منطقة باب المجيدي بالمدينة النبوية،وقد بدأت الحفظ على يد شيخين كريمين في المسجد وحفظت على أيديهما أحد عشر جزءاً ثم رشحت بعد ذلك للالتحاق بالمعهد الذي افتتحته الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمدينة النبوية وكان يديره الشيخ خليل بن عبدالرحمن قاري وهذا الأخير أكملت عليه حفظ باقي كتاب الله عز وجل وكان له دور بارز في تمكيني من الحفظ وإتقان التجويد على أسسه السليمة».

الصعوبات والنجاح
هذه الصفات التي اجتمعت في الشيخ علي جابر واتجاهه نحو دراسة العلم الشرعي واتقانه وحفظه للقرآن معنىً وتدبراً وتربية والديه السليمة له جعلته يبتعد عن الكثير من المغريات التي واجهته رغم ظروفه الصعبة التي واجهها في بداية حياته أصعبها وفاة والده في بداية المرحلة المتوسطة، فتحدث الشيخ علي جابر عن تلك الفترة بكل ما بها من صعوبات بصوت رجل استطاع أن يقلب هذه الظروف الصعبة له كطفل إلى برنامج نجاح تجاوز فيه ذلك كله بالعزيمة والإصرار: «بالنسبة للظرف الذي عشته فانا ما شعرت بحمد الله بفارق كبير بين مجتمع النشأة الذي عشته في الصغر وبين المجتمع الآخر الذي يأتي بعد أن يبلغ الإنسان مرحلة من العمر تأتيه ما يسمى بالمغريات والتحديات، فكما قلت أن من نعمة الله عليّ وتوفيقه لي أن أحاطني بنخبة من الإخوان الصالحين الذين يكبرونني قليلاً في السن من الذين عاشوا في المدينة المنورة ودرسوا في الجامعة الإسلامية، وكما قلت أن الإنسان يمكن أن يتكيف مع المجتمع من خلال ما درس وتعلم إذ يستطيع تطبيقه في واقع حياته».
ويضيف قائلاً: «بحمد الله الظرف الذي عشته في المدينة النبوية والالتقاء بهؤلاء الإخوة الذين وفقهم الله عز وجل لكي يحيطوا بي في تلك السن التي تمر على كل شاب من الشباب وهي ما تسمى فترة المراهقة وقد تتغير به هذه المرحلة أحيانا إذا لم يوفق إلى أناس يدلونه على الخير ويرشدونه إليه، ولكن بحمد الله وفقني الله عز وجل في تخطي هذه المرحلة على أحسن ما يكون».ويتحدث عن تلك الفترة صديقه الحميم في الطفولة محمد أمين بن رحمة الله بخاري (ابن شيخه) : «زاملت الشيخ علي رحمه الله منذ الصغر ولم أجده إلا حريصاً على الحفظ والمراجعة والتحصيل العلمي بكل نهم، وتزامن مع ذلك أدبه وخلقه وحياؤه»، مشيراً أنه رافقه في عدة سفرات إلى الخارج سواء للعلاج أو السياحة وتعرف على شخصيته بشكل أوسع استطاع أن يستخلص منه تجارب عديدة لو وضعت أمام شبابنا لقدمت لهم الكثير من المفاهيم العلمية والخلقية، فهي تجارب تنير الطريق أمامهم وتجعلهم يختارون الأفضل لحياتهم.

وفاته
توفي الشيخ علي جابر رحمه الله مساء يوم الأربعاء الثاني عشر من شهر ذي القعدة 1426هـ في مدينة جدة بعدما عانى كثيراً من المرض كونه أجرى عملية جراحية للتخلص من الوزن الزائد رجعت بآثار سلبية ومضاعفات على صحته مما استدعى مراجعته للمستشفى شهوراً طويلة ودخوله مراراً لغرفة العناية المركزة ، حتى توفي رحمه الله

( الإثنين 17/09/1427هـ ) 09/ أكتوبر/2006 العدد : 1940
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20061009/Con2006100953695.htm

http://www.okaz.com.sa/okaz/myfiles/2006/10/09/b80-big.jpg

جديد المواد

جميع الحقوق محفوظة لموقع موقع الشيخ علي جابر إمام المسجد الحرام رحمه الله ali_db Jaber