البحث
جديد الموقع
المتواجدون الآن
جديد الفيديو
Tags
على جابر .. حنين مآذن البيت العتيق
المقال
على جابر .. حنين مآذن البيت العتيق
على جابر .. حنين مآذن البيت العتيق
كل شيء يصعد الآن من الذكرى الجليلة ..
وينحدر بالحنين إلى طيات ذلك الزمن الذي لم نعد نتذكره ؛ إلا وهو يمر غائماً؛ ومنسياً عنا ...
كأننا لم نعد نتذكر الغائبين إلا ونحن في الممرات القاحلة ..
ما بالنا لا ننسى؛ حين نظن أننا قد نسينا؛ طلاوة تلك الليالي البعيدة؛ نتذكرها فيما بيننا وبيننا؛
فنتداول بشغف رفيع حنين فقدها؛ وكأنها لم تكن على الأرض.. أو كأنها.. الطيف الرهيف الذي أدخلنا
في قداسته العالية دون استئذان؛ ونتأمل في السماء؛ فيتدفأ الخيال ببهوها العالي؛ ويشتد الإصفاء؛
إلى إيقاع الشجن؛ إيقاع الخيال البعيد...
السنوات تمر؛ إنها تمر؛ وسيمر على حاشية هذا
الصوت الرباني ضيوف كثيرون من طهاة الصوت؛
ممن يظنون عن إيمان شديد أنهم يحملونه عليا في
أفئدتهم؛ ولكنه لا يعبر أرضه؛ ونكهته التي سكبها
على سجادة صلاته... أنه العبور السمح؛ ولكنه لا أحد
يستطيع له خلقا من جديد.
إنها معجزة الصوت.. !! كيف يمكن الكلام عن صوت أعلاه حلاوة وأسفله طلاوة؛ واللغة التي بين
أيدينا كسيحة.؟!
في ليلة 23رمضان من العام 1401هــ وفي ذروة بهاء
الخشوع الكامل في صحن الحرم المكي الشريف؛ تهتز
فجأة؛ قلوب المصلين والمعتمرين صعوداً ونزولاً؛
ويستيقظ حفيف النور الذي يأتي به ذلك الصوت
الرخيم وهو ينساب كخيوط الحرير من المآذن العالية؛
وينسكب كالطل الرحيم على شغاف القلوب الممهورة
برهافة الإيمان؛ فلا تستطيع في انشداهها الفاتن إلا أن
تدفع بذهابها إلى أقصى الخشوع؛ وحدود الطرب...
هو شيء يشبه بالسحر..
أو هو السحر الذي يشع من واعية الشجن
المتعالي...
تلك الليلة التي ستسبق انتظار كل ليلة؛ وستصبح
انتظارا شغوفا لبرد هذا الصوت فيما بعد.
فيما يتذكره الراحل الشيخ علي جابر – رحمه الله
ويؤكده على الدوام؛ أنه لم يكن في سابق علمه؛ أنه
سيُدفع به دفعا في حوض هذا المقام الجليل..
فهذا الشاب يخطو في أوائل السابعة والعشرين
من عمره؛ وينساب القران الكريم من على لسانه
كنجيمات الماء في على راحة الجدول؛ مشغولاً بعطية
هذه الهبة الربانية؛ مكتفياً منها بنعيمها على روحه
الشفيفة؛ ولم تكن الدنيا التي أقبلت إليه راكضة بكل
زينتها؛ تزيده إلا نفورا منها وتورعا من مغرياتها.
غير أن الملك خالد – رحمه الله – كانت تتوق
بدافع من إيمان عميق لأن تشاركه الناس نورانية
العشر الأواخر من رمضان بعذوبة صوت إمام
مسجده الخاص...
يصف الشيخ الراحل تفاصيل تلك الليلة بقوله
.. طلب الملك خالد – رحمه الله – أن أنزل من الطائف
إلى مكة المكرمة؛ ولم أكن على علم بما ينتظرني إلا
بعد الإفطار حين طلب مني – رحمه الله- التوجه إلى
المسجد الحرام للصلاة بالناس قي تلك الليلة؛ وكان
المقرر هو تلك الليلة فقط؛ ولكن بعضاً من الشخصيات
والأعيان الموجودين في مكة طلبوا منه – رحمه الله-
أن أبقى في الليالي التالية؛ وكأنها وافت رغبته –رحمه
الله- وبقيت إلى ليلة التاسع والعشرين ثم أصدر أمره
-رحمه الله- بتعيني إماماً في المسجد الحرام.
هذا الشاب بصوته العذب يحدث طريقة مغايرة
على مسامع الناس بقراءة مجودة متقنة وصوت عذب
منفرد في نمطه؛ يصدح به ويرفعه في بعض المواضع
في أرجاء المسجد الحرام بطريقة مؤثرة؛ وقد أثر
ذلك في جموع المصلين في المسجد الحرام والمعتمرين
وذاع صيته وأصبح المسجد الحرام يفيض بالمصلين
ويزدحم؛ وأهل مكة لا ينسون أيام الشيخ علي جابر
وصلاته بالمسجد الحرام والذين صلوا خلفه في تلك
الأيام...غير أن هذا الملك الجليل؛ لم يمهله القدر وتوفي
في العام 1402هــ وقد صارت هديته إلى الناس
الشيخ علي جابر؛ إماماً رسمياً يؤم الناس بصوته
الشجي في صلاة الفجر والتراويح بالمسجد الحرام..
إماماً خاصاً للملك خالد:-
مع حفظه للقرآن الكريم في سن مبكرة؛ فلم يكن
يطمح في الإمامة التي أوصلته لاحقاً ليكون إماما
بالمسجد الحرام يتحدث عن ذلك بقوله: ((لم تكن لدي
رغبة في الإمامة ولكن أقحمت فيها إقحاماً وإلا فان
الباعث الأساسي على حفظ كتاب الله إنما حفظه
وتعقله وتدبر معانيه؛ ولكن شاءت الإرادة الربانية أن
أتولى الإمامة في مسجد الغمامة بالمدينة النبوية سنتين
متتاليتين ((1394 _ 1396)). نفس العام الذي تخرج
فيه من الجامعة. ثم مسجد السبق سنة كاملة؛ ثم في
سنة1401هـ في عهد الملك الراحل خالد بن عبد العزيز
-رحمه الله- كنت إماماً له في المسجد الخاص به
بقصره في الطائف " .
رحم الله الشيخ علي جابر
فقد كان العذوبة التي رتلت القران الكريم
المصدر: مجلة رؤى _ العدد ( 27 ) الثلاثاء _3 أكتوبر _ 10 أكتوبر 2006